blog image

فضائل الأمام السجاد عليه السلام

عن طريق السيد نبيل الطالقاني 13 August 2023 1760

يوميات السيد نبيل الطالقاني


فضائل الأمام السجاد عليه السلام :


بمناسبة شهادة الامام السجاد (عليه السلام) ساعرض عليكم مطالب مختصرة:


ان كل امام من الائمة (ع) كان مظهراً لركن من الاركان الاساسية للدين، فبعضهم مظهر للجهاد والحرب وفي نفس الوقت يتمتعون بالصفات الكمالية الاخرى ايضاً، وهذا لا يعني انهم  لا سامح الله كانوا ضعفاء في الصفات الاخرى.


وکان الامام الباقر والامام الصادق(عليهما السلام) مظهراً لركنين التعليمي والارشادي ومبينان للقران الكريم والاحکام. فاساس المذهب يبتني على روايات الامام الباقر والصادق(عليهما السلام) واما الامام السجاد(عليه السلام) فكان مظهراً للعبودية.


اذا لاحظ الانسان الظروف التي كان يعيشها الامام السجاد (عليه السلام) والحوادث الكثيرة التي واجهها والتي من اهمها واقعة كربلاء التي هي واقعة مؤلمة وفاجعة كبيرة والتي لا يمكن ان يتصور مصبية اكبر منه، وايضا الوقائع التي حصلت بعد ذلك والتي واجهها الامام (عليه السلام).


فهذا النوع من الحوادث ينبغي ان يمنع الانسان بحسب الظاهر عن العبادة لله، اي ان الانسان كما يتوجه نحو الصمود والدفاع والثورة والجهاد وفي نفس الوقت يختار هذا الطريق وهو طريق العبودية.


الا ان البارز من حياة الامام السجاد  (عليه السلام) هو عبادته ولكن عندما يرى الانسان حياة الامام السجاد( عليه السلام) يجد فيها العلم والمسائل التربوية والاخلاقية والعلم باقسامه المختلفة التفسير والفقه وسائر اقسام العلوم فقد خلف لنا الامام السجاد(عليه السلام) ميراثاً قيماً.


الا ان الواقع هو: ان الامام (ع) قد ابدع في مسالة العبادة الى حد اعترف بذلك المؤالف والمخالف، وانه لا مثيل له في زمانه او قبل زمانه بالعبادة (ما عدا جده امير المؤمنين(ع))، ولا بد لنا ان نقف عند ذلك قليلاً:


قد ورد في كثير من الكتب انه كان يصلي الف ركعة في اليوم والليلة، ان هذا عمل ثقيل جداً. كان لديه 500 نخلة كان يصلي الى جنب كل واحدة منها ركعتين، فكان في حالة العبادة دائماً بحيث روى من كان يخدم في بيت الامام وقد ثبت ان بعضهم يقول: نحن لم نتمكن ان نقدم له طعاما في النهار ولا ان نقدم له في ليل فراشاً ليستريح عليه.


ان التحدث بهذا الامر سهل، ولكن العمل به صعب جداً، بحيث ياتي كل انسان بعد كل هذه الوقائع والحوادث الصعبة التي مرت عليه فكيف يكون له كل هذا الصمود ويعبد الله تعالى بهذا الشكل؟ وهذا يحكي عن تأصل حب الله تعالى وتأصل ايمانه بالله تعالى.


وهنا توجد تعابير نشير الى بعضها:


1) حينما يتوضأ الامام(عليه السلام) للصلاة : «كَانَ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ(ع) إِذَا تَوَضَّأَ اصْفَرَّ لَوْنُهُ فَيَقُولُ لَهُ‏ أَهْلُهُ مَا هَذَا الَّذِي يَغْشَاكَ فَيَقُولُ أَ تَدْرُونَ لِمَنْ أَتَأَهَّبُ لِلْقِيَامِ بَيْنَ يَدَيْه»[بحارالأنوار‏46: 73]؛ والان نحن نتوضأ ونصلي ونتم صلاتنا ويحتمل ان لا نتوجه حين الصلاة الى اننا نقف امام من؟ ولكن الامام من حين الوضوء تكون لديه هذه الحالة.


يقول الامام الباقر( عليه السلام) «كَانَ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ(ع) إِذَا قَامَ فِي الصَّلَاةِ كَأَنَّهُ سَاقُ شَجَرَةٍ لَا يَتَحَرَّكُ مِنْهُ شَيْ‏ءٌ إِلَّا مَا حَرَّكَهُ الرِّيحُ مِنْه‏»[الكافي‏3: 300]؛


2) في بعض الروايات الاخرى ان الامام كان يصلي فوقعت عباءته فقالوا له بعد ان اتم الصلاة ان عباءتك وقعت اثناء الصلاة، فلم يكن الإمام ملتفتاً الى ذلك، اي انه لم يغفل عن الله بهذا المقدار بحيث يهتم بعباءته كي لا تقع،  ولكننا نحن في حالة الركوع والسجود نهتم بالعباءة كي لا تقع، فالامام هكذا كان توجهه لله تعالى.


3) وقد سمعنا هذه القضية وانتم سمعتم


سمعتم بها ايضا وهي ان الامام (ع): «سَقَطَ لَهُ ابْنٌ فِي بِئْرٍ فَتَفَزَّعَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ لِذَلِكَ حَتَّى أَخْرَجُوهُ وَ كَانَ قَائِماً يُصَلِّي فَمَا زَالَ عَنْ مِحْرَابِهِ فَقِيلَ لَهُ فِي ذَلِكَ فَقَالَ مَا شَعَرْتُ إِنِّي كُنْتُ أُنَاجِي رَبّاً عَظِيما»؛ [بحارالأنوار‏46: 100]


فهذه ليست قصصاً بل هي امر واقعي ومن الصعب علينا فهمها، فنحن لابد ان نجعل الامام زين العابدين( عليه السلام) قدوة لنا، خصوصاً في باب العبادات. فعلينا ان ننظر حقيقة حينما نبدأ بالصلاة وحتى ننتهي كم هو مقدار توجهنا الى الله تعالى؟ قال الامام (ع) «مَا شَعَرْتُ إِنِّي كُنْتُ أُنَاجِي رَبّاً عَظِيما»؛ اي ان الانسان حينما يتكلم مع موجود عظيم( الله تبارك وتعالى) فلا يمكنه ان يسمع صوتاً اخر فاين صلاتنا من صلاة الامام السجاد(عليه السلام)؟


4) قصة جابر الانصاري وقد نقلت ايضا في الكتب وكان جابر بن عبد الله الانصاري صحابيا جليل القدر وقد ادرك الامام الباقر( عليه السلام)، فكان الناس يرون كثرة عبادته ياتونه احيانا ويعترضون عليه وقد جاء هذا الامر في تاريخ حياة الامام السجاد (عليه السلام) وان جابر واولاد الامام احيانا يعترضون على الامام ويوصونه بالرفق على نفسه.


وهذه قصة جدا لطيفة قال الامام الباقر (عليه السلام) «أَنَّ فَاطِمَةَ بِنْتَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ لَمَّا نَظَرَتْ إِلَى مَا يَفْعَلُ ابْنُ أَخِيهَا عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ بِنَفْسِهِ مِنَ الدَّأْبِ فِي الْعِبَادَةِ، أَتَتْ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حِزَامٍ الْأَنْصَارِيَّ، فَقَالَتْ لَهُ: يَا صَاحِبَ رَسُولِ اللَّهِ، إِنَّ لَنَا عَلَيْكُمْ حُقُوقاً، وَ مِنْ حَقِّنَا عَلَيْكُمْ أَنْ إِذَا رَأَيْتُمْ أَحَدَنَا يُهْلِكُ نَفْسَهُ اجْتِهَاداً أَنْ تُذَكِّرُوهُ اللَّهَ وَ تَدْعُوهُ إِلَى الْبُقْيَا عَلَى نَفْسِه وَ هَذَا عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ بَقِيَّةُ أَبِيهِ الْحُسَيْنِ، قَدِ انْخَرَمَ أَنْفُهُ، وَ ثَفِنَتْ جَبْهَتُهُ وَ رُكْبَتَاهُ وَ رَاحَتَاهُ دَأْباً مِنْهُ لِنَفْسِهِ فِي الْعِبَادَةِ . . .‏»؛


فجاء جابر الى الامام السجاد(عليه السلام) فرأى الامام في محراب العبادة فلما اتم الامام الصلاة: قال جابر: يَا ابْنَ رَسُولِ اللَّه‏ أَ مَا عَلِمْتَ أَنَّ اللَّهَ (تَعَالَى) إِنَّمَا خَلَقَ الْجَنَّةَ لَكُمْ وَ لِمَنْ أَحَبَّكُم‏ وَخَلَقَ النَّارَ لِمَنْ أَبْغَضَكُمْ وَ عَادَاكُمْ، فَمَا هَذَا الْجَهْدُ الَّذِي كَلَّفْتَهُ نَفْسَك‏ فقال الامام (عليه السلام) «يَا صَاحِبَ رَسُولِ اللَّهِ، أَمَا عَلِمْتَ أَنَّ جَدِّي رَسُولَ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) قَدْ غَفَرَ اللَّهُ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ وَ مَا تَأَخَّرَ فَلَمْ يَدَعِ الِاجْتِهَادَ لَه‏».


وفي الرواية ان الامام(عليه السلام) لما وصل الى هذا الموضع قال «بِأَبِي هُوَ وَ أُمِّي»؛ قد عبد الله تعالى حتى تورمت قدماه الشريفتان وقد اعترضوا عليه فقيل له «أَ فْعَلُ هَذَا وَ قَدْ غُفِرَ لَكَ ما تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَ ما تَأَخَّر؟»؛ فقال: «أَ فَلَا أَكُونُ عَبْداً شَكُورا»؛  فاجاب الامام (ع) جابر ولم يتمكن جابر من الكلام وقد اورد العلامة المجلسي هذه الرواية في بحار الانوار ، ج46 فلاحظوا بقية الرواية.


واريد ان اقول ان من جملة الامور التي اصبحت قليلة الاهتمام في الحوزة مسألة العبادة فقد كان الطلاب قديما وجههم تحكي عن انهم قد احيوا الليل بالعبادة وتحكي انهم يقومون الليل حقيقة فهل اهل المناجاة والنوافل ولكن الان وللاسف اصبح هذا الامر قليلاً. فعلينا بمراجعة انفسنا.


ان الامر الاساسي في حوزتنا حقيقة هو الجانب العبادي والتهذيبي بان نتمكن عن طريق العبادة وتهذيب النفس ان نصل الى منزلة، والا فما فرق الاخرين عنا فان الاخرين ايضا لديهم جهود علمية في جوانب اخر واقعاً، لكن الشيء الذي يميزنا عن الاخرين هو الجانب التهذيبي فنسال الله تعالى ان نكون بدعاء الامام السجاد (عليه السلام) من العباد الحقيقيين.

إترك تعليق